10.04.2019

سُفَهَاءُ السِّيَاسَةِ وصُنَّاعُ التَّعَاسَةِ


سُفَهَاءُ السِّيَاسَةِ وصُنَّاعُ التَّعَاسَةِ
لم تكن سفاهة القوم الّذين أساؤوا الأدب مع الإمام في الجمعة الفائتة، استثناء انحصر عنده الخلل؛ بل قد كان الحدث فرعًا لقبائح ظاهرة وقوادح فاجرة؛ فيكفي أحدنا أنْ يسمع أو يقرأ أشياء ممّا يُذاع ويُشاع مِن ردود وتعاليق على بعض المواقف والخيارات، ليرى السّقوط الأخلاقي في الأوحال، ويسمع إلى الألسن تنطق بالفجور ثمّ توثّقه مرئيّا وصوتيًّا وكتابةً! فإذا بحثتَ عن المنطلق والباعث؛ تراءت لك مجرّد مخالفةٍ لرأي الآخر وعدم مقاسمةٍ لموقفه! فيكفي أن تكون في الضفّة الأخرى برأيك وموقفك، لتَستقبل سهام التّخوين ونعوت التّآمر!
فهذه -مثلا- تفاهةُ تافهٍ تصف الشّيخ علي بلحاج بـ (علي بلخماج)، لطريقٍ اختاره في التّعامل مع الأحداث!
وتلك جراءةُ جريءٍ على الأعراض لم يُبقِ في حقِّ نعيمة صالحي قذفًا ولا طعنًا إلاّ كاله!
وكذْبةُ كذّابٍ تنسبُ لكريم طابو وسمير بلعربي، وأمثالهما من المعارضين الصّادقين في وطنيّتهم والواضحين في سياستهم ما هم منه براء، لموقفٍ تعلّق بالمرحلة قد أعلنوه!
وغرورُ مغرورٍ يستمرأ الإساءةَ وهو يُشير إلى الشّيخين الكريمين عبد القادر بوخمخم وعلي جدّي، مُلحقًا إيّاهما بأصحاب اللّحى الحمقى -كما وصف-، لسلوكهما مسلك إنصاف قيادة الأركان الحالية!
واسْتطالة مستطيلٍ على إخوةٍ أكارم قد اعتُقلوا لأجل بروز أسمائهم في أمّة الحراك، فيشمت بهم وهو يجهل التّهم الموجّهة إليهم وقضيّتهم لم تزل في طور التّحقيق!
ووقاحة وقِحٍ يتندّر على الرّجل الفاضل فارس مسدور -وهو الدّكتور والأستاذ الجامعي-، ويقدح في المثقّف المحترم سليمان بخليلي، لا لشيء إلاّ لأنّهما سحبا استمارة الترشّح!
لماذا كلّ هذا والحراك لم يعد كما في بدايته من حيث خياراته ومطالبه؟! إذْ لم يكن بدّ -في الأشهرِ والجُمَع الأولى- مِن خروج النّاس إلى شارعٍ اتّفق في ساحته الجميع على مطالب محدّدة، ثمّ اختلفوا في الأشهر الأخيرة حول البقاء في الشارع لاستكمال المطالب، أو الذّهاب إلى انتخابات لتحقيق المطالب؛ اختلافٌ منطقيٌّ تولّدَ عن تقديراتٍ واجتهاداتٍ لها حججٌ متعدّدة وأوجهٌ متنوّعة، لم يشذّ عن فطرة الله -سبحانه- الّتي فطر النّاس عليه.
فلا يجوز لكلّ ذي خيارٍ اختاره أو رأيٍ رآه، أن يستخفّ بخيارِ غيره أو يُسفّه رأيه، فضلاً عن قذفِه وتخوينِه والطّعنِ فيه! ما كان للخيارِ مبرّرُه وللرّأيِ حجّتُه؛ فليس كلّ من اختار الاستمرار في الحراك قد أراد الفوضى للبلد، وليس كلّ من اختار الانتخابات آليةً لاستكمال تحقيق الأهداف قد قصد مضادّة الحراك، وليس كلّ مَن خالف قيادة الأركان في بعض مواقفها وقراراتها كان خيطا من خيوط المؤامرة وشريكًا لمَن يصف القايد صالح بخائن البلاد  ويحرّض على إسقاطِه، وليس كلّ مَن أنصف الرّجلَ فعدّد ما تحقّق تحت ظلّ قيادته مِن جميل لم يُنصف عليه عُدّ متزلّفًا و(للرّونجاص لحّاسًا)...
فاتّقوا الله عبادَ الله في أعراض النّاس وكراماتهم! [[وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً]].
إذا رأيتَ رأيًا فلْيكن مبنيًّا على حجّةٍ تُكسبك قناعةً لا يحوك صدرُك بعدها بظنّ أو إثم، وإيّاك أنْ تستطيل على غيرِك فتسفّهَ رأيَه وتستبدّ برؤيتِك استبدادَ فرعون؛ بل ناقشْ وحاور، ثمّ دعْ مخالفك يمضي فيما خالفَك فيه ولا تعترض عليه طريقه، إلاّ أنْ يعتدي فيؤذي، أو يسيء إساءةً لها الأثر الخطير، فالمقامُ حينها مقام تشديد، وللشدّة طرائق وتقدير.
أخوكم محمّد بن حسين حدّاد الجزائري
الخميس 05 صفر 1441هـ،
الموافق 2019.10.03م