5.13.2020

التَّكَالُبُ عَلَى (القَبَائِل) بَعْدَ إِثَارَةِ مُسَوَّدَةِ الدُّسْتُورِ مَوْضُوعَ تَرْسِيمِ الأَمَازِيغِيَّةِ

التَّكَالُبُ عَلَى (القَبَائِل) بَعْدَ إِثَارَةِ مُسَوَّدَةِ الدُّسْتُورِ مَوْضُوعَ تَرْسِيمِ الأَمَازِيغِيَّةِ
منطقيٌّ أن يُثير موضوعُ الأمازيغيّة بأبعادِ دستورٍ رُسمت مُسَوَّدَتَه حَديثًا، جدلاً يُبرزُ فيه صاحبُ الرّأيِ رأيَه فيُبيِّن المعترضُ عليه حجّتَه؛ لكنْ أنْ يطغى على السّاحة كلامُ السّفهاء المتّخذين أمّةَ الزواوة (القبائل) غَرَضا، فيُأخذُ جميعُها بجريرةِ مَن شذّ عنها بمذهبِه في قضيّة الهويّةِ فرَفعَ راية الانفصال عن رحمِ الجزائر وأظهرَ العداوةَ لكلّ ما يتعلّق بالعرب والعربيّة..؛ فهذه -والله- لإحدى كُبَرِ الظّلم الّذي يَسلُك مسلكَه بعض العروبيّين التّافهين في حقِّ منطقةٍ كان لعلمائِها الدّورُ الكبير في خدمة اللّغة العربيّة عبر التّاريخ، وكان لأبنائِها السَّهمُ العظيم في طردِ المُحتلّ بعد قهرٍ بكتْ له سماءُ جرجرة واْرتَزأَت منه أرضُها وشَهِدَت على صمودِ الرّجال جبالُها، أمّا الدّينُ فدونكم -أيّها الجاهلون- مآذن المساجد وكتاتيب الزّوايا الّتي امتلأت بها مدن بلاد الزواوة وقُراها بما صدّر رُتبتَها على مستوى الجمهوريّة مِن حيث أعدادها..؛ أنا ابن المنطقةِ وأَعرف عقليّةَ قومي وحَميَّتَهم، وإنّ أخشى ما أخشاه -وأنا مُدركٌ لما أقوله- أنْ يتسبّبَ هذا التّكالبُ الجاهليّ على القبائل دون اعتبارٍ لروابط الإيمانِ وعواقب العُدوان، في صنعِ جبهةِ اصطفافٍ في المنطقةِ يستغلُّها المارقون مِن الانفصاليّين والمُرتدّين عن الدّين؛ فيستثمرُها شيطانهُم في دلالةِ الغافلين إلى شجرةِ الخُلدِ الكاذب والحلِّ الزّائف باسم الحفاظ على الهويّة وردّ البغي، بعد أنْ يعمل الحمقى في الضفّة الأخرى -قصدوا أم لم يقصدوا- على تسليمِ إخوانِهم لكلاليب مؤامرةٍ نُسجت خيوطُها في الظّلام لتَسحَرَ الأعينَ بشعارِ الاستقلال عن المُستعمر العربي الجزائريّ! هَبْ -أيّها الظّالم- أنّ طائفةً مِن القبائل -وهو الواقع- شذّت عن الأصالة فخانَت وارْتَمَت في أحضان عدوِّ الأمس والحاضر، فكانت باغيةً متنكّرةً للذِّمم غير معتبرةٍ للمبادئ والقيّم؛ هل يجعلك هذا في فُسْحةِ فِسقٍ تنْسلخُ به من المروءةِ فتُبرّر لنفسِك هذا التّعميم المُعتدي على كرامةِ الخَلقِ وبراءةِ العِرض؟! كُفَّ أيّها الباغي فإنّك شريكٌ بصنيعِك في مشروعِ فتنةِ الانْفصال بجُرعاتِ تعبئةٍ تَمُدّ بها صنّاعَها؛ في بلادٍ كان شيوخُها -كما قال الشّيخ محمّد الصّالح الصدّيق رحمه الله- على اعتزازٍ وإبايةٍ أَفتَتْ بانْتقاضِ وضوءِ مَن يُصافِح فرنسيًّا، وإذا فُرض على أحدِهم أنْ يُصافحه رفَضَ شامخًا إلاّ أن يَلفَّ يدَه في منديل...! ألا فاحذرَنَّ -إنْ كنتَ عربيًّا حقًّا- ظلمَ إخوانِك في تلك البلاد؛ فإنّهم قومٌ يستثيرُهم البغيُ فترى منهم أَنَفا، وتُوحّدُهم الإهانةُ فتَجد منهم بأسًا، لكنْ خذْ عمومَ القبائل بالرِّفقِ تَنَلْ بهم عِزًّا، كما نالَ أجدادُكَ بأسلافِهم أندلسًا...
أخوكم محمّد بن حسين حدّاد الجزائري
الثلاثاء 19 رمضان 1441هـ،
الموافق 2020.05.12م