3.23.2019

الاسْتِخْفَافُ بِرَفْعِ الرَّايَاتِ الأَمَازِيغِيَّةِ فِي حِرَاكِ الجَزَائِر ضِدَّ النِّظَامِ

الاسْتِخْفَافُ بِرَفْعِ الرَّايَاتِ الأَمَازِيغِيَّةِ فِي حِرَاكِ الجَزَائِر ضِدَّ النِّظَامِ

لا يشكُّ أحدٌ في صدقِ ارتباط القبائل بدينهم ووطنهم، كما لا يُنكِرُ مشاركتهم الكثيفة منذ اليوم الأوّل مِن الحِراك الّذي انطلق في التّاريخ الموافق 22/02/2019م؛ لكنْ ينبغي أن لا يأخذنا الإعجاب بمحاسن الحِراك إلى نشوةٍ تغطّي العقل وتحجب العين عن عُيوبٍ يُمكنها أنْ تنحرف به عن خطّه فتعصف بآماله؛ هي عيوبٌ معدودة قد أذكرها في قادم الأيّام -إن شاء الله- مجموعةً أو مُفرَّقةً رجاء التّنبيه عليها والإسهام في إصلاحها، لكنّني أخصّ منها في هذا المقام ما يتّصل بالمقدّمة؛ فقد أقلقتني -كما أقلقت الكثير- كثافة ارتفاع الرّايات الأمازيغيّة في الحراك بذلك الشكل اللاّفت الظّاهر المزاحِم للرّاية الوطنيّة، وإنْ نسب البعض الأمر إلى شدّة تعلّق القبائل بهويّتهم الأمازيغيّة، -وأنا معهم في هذا إلى حد ما على اعتبار أنّ أصولي من القبائل الكبرى- وعليه فحملُ تلك الرّاية عند هؤلاء مجرّد تعبير عن انتماءٍ أمازيغيّ لا يتجاوز الحدود الثّقافية والتراثية؛ لكنْ ارتقاءه إلى رايةٍ يتميّز بها القوم في قلب الحِراك خطوةٌ تُثير القلقَ، وإنْ أصرّ أولئك على النّظر إليها بعين الارتياح بحكمِ اختلافها اختلافا واضحا مع راية (الماك) شكلاً ومعنى، لكنّني أذكّر أصحاب هذه النّظرة أنّ راية (الماك) تبنّتها جماعةٌ كانت بداياتها مجرّد انخراطٍ في خطّ مَطالب حقوقيّةٍ ثقافيّةٍ ليس إلاّ، قبل أنْ تتطوّر الفكرة إلى غلوٍّ يتبنّىَ قضيّة الانفصال! إنّما ننبّه إلى هذا خوفًا على حِراكٍ لا يتكرّر في العمر مرّتين، مِن أنْ تفجّره عصبيّات وتُضعفه انتماءات قد أُبرزت ألوانُها وشُمّت روائحُها، نخاف على حالِ الحِراك ومآله بعد أنْ تولّد مِن وعيٍ جماعيٍّ عُقدت الآمال في نتائجه المرجوة على الجزائر والجزائريين، ونخاف على مستقبلٍ تتربّص به أيادٍ خفيّةٍ بلغنا أنّها تُموّلُ نَسْجَ تلك الرّايات بالآلاف مجّانا! فالحكمةُ اليوم أنْ نجتمع تحت رايةٍ واحدةٍ على اختلاف أصولنا واتّجاهاتنا وألواننا، أرجو أنْ يكون خوفي مجرّد توجّسِ موسوَسٍ تُبدّدُه ابتسامةٌ برَسْمِ انحناءِ هلالٍ تَعلوه نجمةٌ تتوسّطُ أملاً أخضر وصفاءً أبيض...، ولأنْ يُخطأ أحدُنا في حذرٍ لا خطر وراءه، خيرٌ مِن أنْ يُخطأ في أمنٍ مِن خلفه المهالك.
أخوكم محمّد بن حسين حدّاد الجزائري
 الاربعاء 13 رجب 1440هـ،
الموافق 2019.03.20م
نُشرت المادّة في ما يلي:  حسابي على الفيسبوك | حسابي على التويتر | المدوّنة